فصل: الشاهد الخامس والثمانون بعد الثلاثمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.وصول التتر إلى اذربيجان.

كان التتر عندما ملكوا ما وراء النهر وزحفوا إلى خراسان فضعضعوا ملك بني خوارزم شاه وانتهوا إلى قاصية البلاد وخربوا ما مروا عليه واكتسحوا ونهبوا وقتلوا ثم استقر ملكهم بما وراء النهر وعمروا تلك البلاد واختطوا قرب خوارزم مدينة عظيمة تعوض منها وبقيت خراسان خالية واستبد بالمدن فيها أمراء شبه الملوك يعطون الطاعة للسلطان جلال الدين لما جاء من الهند وانفرد جلال الدين بملك العراق وفارس وكرمان واذربيجان واران وما وراء ذلك وبقيت خراسان مجالات لغارات التتر وحروبهم ثم سارت طائفة منهم سنة خمس وعشرين فكان بينهم وبين جلال الدين لما جاء من الهند المواقعة على أصبهان كما مر ثم كان بين جلال الدين وبين الاشرف صاحب الشام وعلاء الدين كيقباد صاحب الروم المواقعة سنة سبع وعشرين كما مر وأوهنت من جلال الدين وحلت عرى ملكه وكان علاء الدين مقدم الاسماعيلية في قلعة الموت فعادى جلال الدين لما أثخن في بلاده وقرر عليه وظائف الاموال فبعث إلى التتر بخبرهم بالهزيمة الكائنة عليه وانها أوهنته ويحثهم على قصده فساروا إلى أذربيجان أول سنة ثمان وعشرين وبلغ الخبر إلى السلطان بمسيرهم فبعث بوغر من أمرائه طليعة لاستكشاف خبرهم فلقي مقدمتهم فانهزم ولم ينج من أصحابه غيره وجاء بالخبر فرحل من تبريز إلى موقان وخلف عياله بتبريز لنظر الوزير وأعجله الحال عن أن يبعثهم إلى بعض الحصون ثم ورد كتاب من حدود زنجان بأن المقدمة التي لقيها بوغر باهر اقاموا بمرج الخان وانهم سبعمائة فارس فظن السلطان أنهم لا يجاوزونهما فسرى عنه ورحل إلى موقان فأقام بها وبعث في احشاد العساكر الأميرين بغان شحنة خراسان وأوسمان بهلوان شحنة مازندان وشغل بالصيد وبينما هو كذلك كبسه التتر بمكانه ونهبوا معسكره وخلص إلى نهراوس ثم روي بقصد كنجة وعطف إلى أذربيجان فتنكر لماهان وكان عز الدين صاحب قلعة شاهن غاضبا منذ سنين لاغارة الوزير على بلده فلما نزل السلطان ماهان كان يخدمه بالميرة وباخبار التتر ثم إنذره آخر الشتاء بمسير التتر إليه من ارجان وأشار عليه بالعود إلى اران لكثرة ما فيها من العساكر وأجناد التركمان متحصنين بها فلما فارقها وكان الوزير فوق بيوت السلطان وخزائنه في قلاع حسام الدين منهم ارسلان كبير أمراء التركمان باران وكان قد عمر هنالك قلعة سنك سراخ من أحصن القلاع فأنزل عياله بها وكان مستوحشا من السلطان فجاهر بالعصيان وكانت وحشته من السلطان لامور منها تبذير أمواله في العطاء والنفقة ومنها أنه ظن أن السلطان مجفل إلى الهند فكاتب الاشرف صاحب الشام وكيقباد صاحب الروم فوعدهم من نفسه الطاعة وهما عدوا السلطان ومنها أنه كاتب قلج ارسلان التركماني فأمره بحفظ حرم السلطان وخزائنه ولا يسلمها إليه وبعث في الكتاب له والكباس قبله ليغزو الروم فلما مر السلطان بقلعته بعث إليه يستدعيه فوصل وحمل كفنه في يده فلاطفه السلطان وكايده فظنها مخالصة فاطمأن والله تعالى ولى التوفيق.

.استيلاء التتر على تبريز وكنجة.

ولما اجفل السلطان بعد الكبسة من موقان إلى اران بلغ الخبر إلى أهل يبريز فثاروا بالخوارزمية وأرادوا قتلهم ووافقهم بهاء الدين محمد بن بشير فاربك الوزير بعد الطغرياني وكان الطغرياني رئيس البلد كما مر فمنعهم من ذلك وعدوا على واحد من الخوارزمية وقتلوه فقتل به اثنين من العامة واجتهد في تحصين تبريز وحراستها وشحنها بالرجال ولم تنقطع كتبه عن السلطان ثم هلك فسلمها العوام إلى التتر ثم ثار أهل كنجة وسلموا بلدهم للتتر وكذا أهل ببلغازة والله أعلم.

.نكبة الوزير ومقتله.

لما وصل السلطان إلى قلعة جاربرد بلغه استيحاش الوزير وخشي أن يفر إلى بعض الجهات فركب إلى القلعة موريا بالنظر في أحوالها والوزير معه وأسر إلى والي القلعة أن يمسك الوزير ويقيده هنالك ففعل ونزل السلطان فجمع مماليك الوزير وكبيرهم الناصر قشتمر وضمهم إلى اوترخان ثم نمي إلى والي القلعة أن السلطان مستبدل منه فاستوحش وبعث بخاتم الوزير إلى قشتمر كبير المماليك نحن وصاحبكم متوازرون فمن أحب خدمته فليأت القلعة فسقط في يد السلطان وكان ابن الوالي في جملته وحاشيته فأمره السلطان أن يكاتب أباه ويعاتبه ففعل وأجابه بالتنصل من ذلك فقال له السلطان فليبعث إلي برأس الوزير فبعث وكان الوزير مكرما للعلماء والأدباء مواصلا لهم كثير الخشية والبكاء متواضعا منبسطا في العطاء حتى استغرق أموال الديوان لولا أن السلطان جذب من عنانه وكان فصيحا في لغة الترك وكانت عمالته على التواقيع السلطانية الحمد لله العظيم وعلى التواقيع الديوانية يعتمد ذلك وعلى تواقيعه إلى بلاده أبو المكارم على بن أبي القاسم خالصه أمير المؤمنين.